فصل: طريق التحرير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.طريق التحرير:

وقد فتح الإسلام أبواب التحرير، وبين سبل الحلاص، واتخذ وسائل شتى لانقاذ هؤلاء من الرق:
1- فهو طريق إلى رحمة الله وجنته يقول الله سبحانه: {فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة} وجاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال: «عتق النسمة، وفك الرقبة».
فقال: يارسول الله: أو ليسا واحدا؟ قال: «لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها».
2- والعتق كفارة للقتل الخطأ. يقول الله عزوجل: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة}.
3- وهو كفارة للحنث في اليمين لقوله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون هليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة}.
4- والعتق كفارة في حالة الظهار، يقول الله سبحانه: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا}.
5- جعل الإسلام من مصارف الزكاة شراء الارقاء وعتقهم، يقول أالله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب}.
6- أمر بمكاتبة العبد على قدر من المال، حيث قال تعالى: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم}.
7- من نذر أن يحرر رقبة وجب عليه الوفاء بالنذر متى تحقق له مقصوده. وبهذا يتبين أن الإسلام ضيق مصادره الرق.
وعامل الارقاء معاملة كريمة، وفتح أبواب التحرير، تمهيدا لخلاصهم نهائيا من نير الذل والاستعباد، فأسدى بذلك لهم يدا لا تنسى على مدى الايام.

.أرض المحاربين المغنومة:

الأرض التي تؤخذ عنوة: إذا غنم المسلمون أرضا، بأن فتحوها عنوة بواسطة الحرب والقتال، وأجلوا أهلها عنها، فالحاكم مخير بين أمرين.
1- إما أن يقسمها على الغانمين.
2- وإما أن يقفها على المسلمين.
وإذا وقفها على المسلمين ضرب عليها خراجا مستمرا، يؤخذ ممن هي في يده، سواء أكان مسلما أم ذميا، ويكون هذا الخراج أجرة الأرض يؤخذ كل عام.
وأصل الخراج هو فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، في الأرض التي فتحها، كأرض الشام، ومصر، والعراق.
الأرض التي جلا أهلها عنها خوفا أو صلحا: وكما تجب قسمة الأرض المفتوحة على الغانمين، أو وقفها على المسلمين، يجب ذلك في الأرض التي تركها أهلها خوفا منا، أو التي صالحناهم على أنها لنا، ونقرهم عليها نظير الخراج.
أما التي صالحناهم على أنها لهم، ولنا الخراج عنها، فهي كالجزية تسقط بإسلامهم.
وإذا كان الخراج أجرة فإن تقديره يرجع إلى الحاكم فيضعه بحسب اجتهاده.
إذ أن ذلك يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، ولا يلزم الرجوع إلى ما وضعه عمر رضي الله عنه.
وما وضعه عمر وغيره من الائمة يبقى على ما هو عليه، فليس لاحد أن يغيره ما لم يتغير السبب، لأن تقديره حكم.

.العجز عن عمارة الأرض الخراجية:

ومن كان تحت يده أرض خراجية فعجز عن عمارتها أجبر على أحد أمرين:
1- إما أن يؤجرها.
2- أو يرفع يده عنها.
لان الأرض هي في الواقع للمسلمين، ولا يجوز تعطيلها عليهم.
ميراث الأرض المغنومة:
وهذه الأرض يجري فيها الميراث، فينتقل ميراثها إلى وارث من كانت بيده على الوجه الذي كانت عليه في يد موروثه.

.الفيء:

تعريفه: الفئ مأخوذ من فاء يفئ إذا رجع، وهو المال الذي أخذه المسلمون من أعدائهم دون قتال.
وهو الذي ذكره الله سبحانه في قوله: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على على شيء قدير ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم}.
فذكر الله المهاجرين الذين هاجروا إلى المدينة، ممن دخل في الإسلام قبل الفتح.
وذكر الانصار - وهم أهل المدينة - الذين آووا المهاجرين، وذكر من جاء من بعد هؤلاء إلى يوم القيامة.

.تقسيمه:

قال القرطبي: قال مالك: هو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، فيأخذ منه من غير تقدير، ويعطي منه القرابة باجتهاده، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين، وبه قال الخلفاء الأربعة، وبه عملوا، وعليه يدل قوله صلى الله عليه وسلم: «مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم».
فإنه لم يقسمه أخماسا ولا أثلاثا، وإنما ذكر في الآية من ذكر على وجه التنبيه عليهم، لأنهم أهم من يدفع إليه.
قال: الزجاج محتجا لمالك: قال الله عزوجل: {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والاقربين والتيامى والمساكين وابن السبيل}.

والرجل جائز بإجماع أن ينفق في غير هذه الاصناف إذا رأي ذلك.
وذكر النسائي عن عطاء.
قال: خمس الله وخمس رسوله واحد - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل منه، ويعطي منه، ويضعه حيث شاء، ويصنع به ما شاء.
وفي حجة الله البالغة: واختلفت السنن في كيفية قسمة الفئ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الفئ قسمه في يومه، فأعطى الاهل حظين وأعطى الاعزب حظا.
وكان أبو بكر رضي الله عنه، يقسم للحر والعبد، يتوخى كفاية الحاجة.
ووضع عمر رضي الله عنه الديوان على السوابق والحاجات، فالرجل وقدمه، والرجل وبلاؤه، والرجل وعياله، والرجل وحاجته.
والاصل في كل ما كان مثل هذا من الاختلاف أن يحمل على أنه يفعل ذلك على الاجتهاد. فتوخى كل المصلحة بحسب ما رأى في وقته.

.عقد الأمان:

إذا طلب الأمان أي فرد من الاعداء المحاربين قبل منه، وصار بذلك آمنا، لا يجوز الاعتداء عليه بأي وجه من الوجوه.
يقول الله سبحانه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون}.

.من له هذا الحق:

وهذا الحق ثابت للرجال والنساء، والاحرار والعبيد، فمن حق أي فرد من هؤلاء أن يؤمن أي فرد من الاعداء يطلب الأمان، ولا يمنع من هذا الحق أحد من المسلمين إلا الصبيان والمجانين، فإذا أمن صبي أو مجنون أحدا من الاعداء فإنه لا يصح أمان واحد منهما.
روى أحمد، وأبو داود، والنسائي، والحاكم، عن علي كرم الله وجهه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: «ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، وهم يد على من سواهم».
وروى البخاري، وأبو داود والترمذي عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها أنها قالت: قلت يارسول الله.
زعم ابن أم علي.
أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان ابن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ».

.نتيجة الأمان:

ومهما تقرر الأمان بالعبارة أو الاشارة، فإنه لا يجوز الاعتداء على المؤمن، لأنه بإعطاء الأمان له عصم نفسه من أن تزهق ورقبته من أن تسترق.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه بلغه أن بعض المجاهدين قال لمحارب من الفرس: لا تخف، ثم قتله فكتب رضي الله عنه إلى قائد الجيش: إنه بلغني أن رجالا منكم يطلبون العلج.
حتى إذا اشتد في الجبل وامتنع، يقول له: لا تخف فإذا أدركه قتله! وإني والذي نفسي بيده لا يبلغني أن أحدا فعل ذلك إلا قطعت عنقه.
وروى البخاري في التاريخ، والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من أمن رجلا على دمه فقتله، فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافرا» وروى البخاري ومسلم وأحمد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة».

.متى يتقرر هذا الحق:

ويتقرر حق الأمان بمجرد إعطائه، ويعتبر نافذا من وقت صدوره إلا أنه لا يقر نهائيا إلا بإقرار الحاكم، أو قائد الجيش.
وإذا تقرر الأمان، وأقر من الحاكم أو الجيش، صار المؤمن من أهل الذمة، وأصبح له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.
ولا يجوز إلغاء أمانه إلا إذا ثبت أنه أراد أن يستغل هذا الحق في إيقاع الضرر بالمسلمين، كأن يكون جاسوسا لقومه، وعينا على المسلمين.

.عقد الأمان لجهة ما:

إنما يصح الأمان من آحاد المسلمين إذا أمن واحدا أو اثنين فأما عقد الأمان لاهل ناحية على العموم فلا يصح إلا من الإمام على سبيل الاجتهاد، وتحري المصلحة كعقد الذمة، ولو جعل ذلك لاحاد الناس صار ذريعة إلى إبطال الجهاد الرسول حكمه حكم المؤمن والرسول مثل المؤمن، سواء أكان يحمل الرسائل أو يمشي بين الفريقين المتقاتلين بالصلخ، أو يحاول وقف القتال لفترة يتيسر فيها نقل الجرحى والقتلى.
يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم لرسولي مسيلمة: «لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما».
أخرجه أحمد، وأبود داود من حديث نعيم بن مسعود.
وأوفدت قريش أبا رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع الايمان في قلبه، فقال: يارسول الله لا أرجع إليهم، وأبقى معكم مسلما.
فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد فارجع إليهم آمنا، فإن وجدت بعد ذلك في قلبك ما فيه الان، فارجع إلينا».
أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي وابن حبان وصححه.
وفي كتاب الخراج لابي يوسف والسير الكبير لمحمد: أنه إن اشترط للرسول شروط وجب على المسلمين أن يوفوا بها، ولا يصح لهم أن يغدروا برسل العدو، حتى ولو قتل الكفار رهائن المسلمين عندهم، فلا نقتل رسلهم لقول نبينا: «وفاء بغدر خير من غدر بغدر».

.المستأمن:

.تعريفه:

المستأمن هو الحربي الذي دخل دار الإسلام بأمان دون نية الاستيطان بها والإقامة فيها بصفة مستمرة، بل يكون قصده إقامة مدة معلومة، لا تزيد على سنة، فإن تجاوزها، وقصد الإقامة بصفة دائمة، فإنه يتحول إلى ذمي ويكون له حكم الذمي في تبعيته للدولة الإسلامية، ويتبع المستأمن في الأمان، ويلحق به زوجته وأبناؤه الذكور القاصرون، والبنات جميعا، والأم، والجدات، والخدم، ماداموا عائشين مع الحربي الذي أعطي الأمان.
وأصل هذا قول الله سبحانه وتعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنة}.